Ads 468x60px

( نقوش النعلوت ) للشريف الحسني


                                                       }   نقش القدم {
أنقطةٌ مِن سُجوفِ العماءِ انْفلقَتْ ، أمْ دُرّةٌ مِن صُدُوفِ الكنوزِ انْفَتَقَتْ ، سبحانَ قدَمِ الأنا إذا ادَّلى ، فلهُ الهَيمنَةُ والكِبرياءُ في الآزالِ والنِّزالِ .
وما يُدريكَ مِمّا كانَ ، ولا متى كان ، ولا أين كان ، ولا أين يكون ، ولا فيما سيكون ، فمن يُدريك مَن يَكُونُ ..
كان مِن طَلْقَةِ الهاهُوتِ حيثُ لا كُن ولا يكون ، وهو الآنَ على ما عليه كان ، ولا إمكانُ ، وإلى الأبدِ سَيظلّ في الآحاد ، فما يُدريك حالَئِذٍ مَن يكونُ ..
البَحتُ والجردُ والمحالُ والإعدامُ ، حضائرٌ مَحظورةٌ مَحذُورةٌ ، تَغْرُبُ في عَــينٍ عامِيَّةٍ ، وتَغِيبُ في سُرّةٍ غامِـيّةٍ ، مالها مِن سبيلٍ ولا مِن دليلٍ ، مهامِهُ التِّيهِ ، وكَوانِهُ الضّلالِ ، وَجَبَ جُنُونُها ، وتحَتَّمَ كُفْرانُها .
ألَا إنَّ قُصُورَ الوُجوبِ ، حرامٌ إلّا على اليَتِيمِ الأُمِّيِّ ، إلّا على مُهجةِ الذّاتِ ، إلّا على إنسانِ عَينِها ، إلّا على الحبيبِ ، وليس إلّا الحبيبُ .. 
حارَ دَرْكُ الـــــعَزْمِ  في لَيلِ الـــعَمَا       لَيسَ إلّا العَــجزُ يُــــدرَى  والعَمَى
ولازالَ الوَصْلُ في دَمْـــسِ السَّحَرْ      خــالِيًا  حيثُ صَلَــــواتُ السَّــــمَرْ
حيثُ أنَّ المُنْــــتَهى عنـــــدَ النِّعـالْ       وهْيَ عَــرْشٌ لاسْـــــتِواءِ الْمُتَعالْ
حيثُ قالَ الشِّسْعُ لِلعِـرفانِ مَـــــهْ       فَخَلِيقٌ  أنَّـــــنِي أُنْهَــــــى بِـــــصَهْ

                                                  ]   نقش الكنه (
وإنْ سالَ سائِلُ بِكُنْهِ النَّعَلُوتِ ، فإنّها المُبتدَى لَكِنَّها المُنتهى .
فهِي حضرةُ النِّعالِ : إبْنتُ سُلْطَةِ الأقدامِ ، حَفِيدَةُ جلالَةِ الجَسَدُوتِ .
وُلِدَتْ يَومَ النَّزلةِ الأُخرى ، عندَ سِدرةِ المُنتهى ، في شهرِ الرّبيعِ عامَ الأنوارِ ، في قـبَّةِ القَداسَةِ ، ولازالتْ تَرْضَعُ مِن مَعينِ الحمدِ ، وتَتَرَعْرَعُ في حَضانَةِ الأعتابِ ، حتّى إذا بَلَغَتْ أُشُدَّها واسْتَوتْ ، تَزَوَّجَتْ مِن القَدَمِ الأقْدَسِ ، فأنْجَبَتْ له رَيحانَتَينِ ، وما أدراك مَن هُما العَزْمُ والوَحى .
وبعدما أدَّتِ الأمانَةَ إلى أهلِها ، إنْتَقلَتْ إلى الرَّفِيقِ الأعلى ، قابَ قَوسَينِ أوْ أَدْنى ، فعَلَيها الصَّلاةُ والسَّلامُ ، ما تَخَلَّتْ تَتَدنّى  أوْ تَجلّتْ تَتَدَلّى .  
نَشْــــهَـــــدُ أنّها الّــــتي تَجَلَّــــتْ        بالمَشْرِقَـــــينِ بَعـــــدما تَخلَّـــتْ
كانـــــتْ  ولاتَـــزالُ  كالهُيُولى        لِكَونِـــــنا مُنـــذُ الدُّهُورِ الأُولى
كـــــأنّها  الهَــــباءُ  لِلــتَّــــجَــــلّي        إيْـــــهٍ وتِــلكَ مُستَوى التَدَلّي
هَـــــيمَنَ مُـــــلْكُها عــلى البرايا        مِــــن البِـــــدايَـــــةِ إلى النّهايا
فأقدس بها عروس الوجود ، حريمة الأقدام بالخدور ؛ بديهة يحجبها الجمال ، ويصونها الجلال ، ويخدمها الكمال ، فتلك منهل القرآن ، ياذا الفرقان ، فاستعذ بنور فرقها ، وسمّ بسرّ جمعها ، ورتّل النّون من لوحها ترتيلا . 

                                                       }  نقش الحسن {
النّعال ما النّعال وما أدراك ما النّعال ، إسم تزدريه الأفواه ، ولكم تهتزّ لمعناه الأرواح ، سيّما وقد زكّته قدم القداسة ، عن غيريّة الآثار ، فاصبغ بنورانيّة الأسرار ؛ ولا فنك فإنّ المجالس مجانس ، وثامنهم كلبهم .
هو نَعْلُ مَـــن نَعْلُ مَن يَـتَعَالى      شِسْـــعهُ فوقَ كلِّ مَجْدٍ مَقاما
ذاك شِسْعُ مَن شِسْعُ مَن يتَرامى    دُونَ أعتابِــــهِ العُّـرُوشُ هِيَّاما
إنّ في ذلك لِـــــذِكرى لِمـــن با      تُوا مِـنَ العِشْقِ سُجَّدًا وقِيَّامـا

زهرةٌ يَعشَقُها الخليلُ ، وسُبحةٌ يَخْطُبُها الكَلِيمُ ، ودُرَّةٌ يَغْبِطُها المسيحُ ..
فَسَلْ عنها الكُروبِيُّون ما خَطبُهُم في الهُيّامِ , مَنذَا الّذي سَلَبَهُم ألبابَهُم ؟
وسلِ الكَظِيمَ يعقوبَ ما سِرُّ أسَفِهِ وشُجُونِهِ ؟
وسَلْ إمرأةَ العَزيزِ وصُوَيْحِباتِها ، مَن بِهِنّ مَن تَـيَّمهُنّ ؟
فكمْ أفاضَتْ بهجتُها مِن وِجدانٍ ، وكم أثارَتْ دُعْجَتُها مِن أشجانٍ ، وكم أنارتْ غُرّتُها مِن غُيُوبٍ ، وكم أراعتْ عِزَّتُها مِن عُروشٍ ، وكم تسامَتْ بِهِمَّتِها مِن بُروجٍ ، وكم توارَت في مُهْجَتِها مِن خُدُورٍ ..
عَجباً لِمن لم يَسْتَنشِقْ عَبِيرَ الأعتابِ ، كيفَ يَسْعَدُ ويَعِيشُ ،  بلِ العَجَبُ مِمّن تَعَطّسَتْ مَشامُ وِجدانِهِ بأرِيجِ الوِّصالِ ، كيفَ يَبقى على قيدِ الحيّاةِ ، فكيفَ لا يَنجَذِبُ بكلياتهِ إلى مِغناطِيسِ تِلك المفاتِنِ غرامًا .
كُـــؤُوسٌ وأٌنـــسٌ حُبُــورٌ حُضُورْ       وُصُـــولٌ وبَسْــطٌ سُرُورٌ ونُورْ
رَبِيــــعٌ وعُـــرسٌ عُطُـــورٌ زُهُــــورْ       عُيُـــونٌ وَحُسْــنٌ خُدُورٌ خُمُورْ
                       جَمَال النِّعَالِ لَطِيــــفٌ أَنِيْسْ
فكم تروّت بغرامها قلوب ، وكم سكرت بزهرتها أرواح ، وكم اتّحدت بسرّتها أسرار ، معين السّعد والوجدان ، فالرّوح والرّيحان ، والحسن والإحسان ، فسل سبيلا إلى سلسبيل الوصال ، ولا ترضى ما دونها خليلا ، فأنت عبد من تهواه ، وكفى بك فخرا ، أن تضاف إلى سيّادة النّعال .
                                                      }  نقش الجبروت {
إن قلت : عرش ، قالت : هو فرشي ؛ أوقلت : كرسيٌّ قالت : هو عتبتي ؛ أو قلت : حجاب ، قالت : هو خماري ؛ أو قلت : سدرة ، قالت : هي ظلالي ؛ أو قلت : كثيب ، قالت : هو غباري ؛ أو قلت : فردوس ، قالت هو فضلتي ؛ أو قلت : جحيم قالت : هو رمادي ؛ أو قلت : الجبريل ، قالت هو مجنوني .. فيا سبحان الله ما أسماها ، عزّ منتهاها .
فالنّور النّور إن كنت من الشّاهدين ، والسّرّ السّرّ إن كنت من العارجين ، والكنز الكنز إن كنت من الواصلين ؛ فهاهي النّعل قد ادّلت ، فيا معشر العشّاق هل من مجيب .
فلا السِّرَ يُدنِيها ولا النُّورَ يُجـلِيها       ولا السُّبحَ تُفــــنِيها ولا الدَّهرَ يُبلِيها
ألَيست بِوَصلِ العـينِ تَرْفُلُ تألِيها       تَـــــقَدَّسَ مَـن بالأحمَدِيَّـــــةِ يُعــــلِيها
                    فما هيَ إلّا مِــــنْ جـــلالَةِ جاهِـــهِ
إنّ في تلك اليّاقوتة المكنونة ، لآيات للوالجين ، فحيثما انتهوا إلى باب من قصرها ، تصدّى لهم حجاب من خدرها ، فظنوا أن لا دخول ولا وصول ، ولكن العجز عن الإدراك ، عين الإدراك ، فحيث لا سبيل سواها ، لزم الخضوع لها ، فكيف لا وهي المنتهى .    
                                                   }  نقش التّوحيد  {
قلْ لِمن ما في الإمكانِ ، وقلْ مِمّنْ ما في الوُجُودِ ، وقلْ عَن مَن ما في البَرايا ، فسَيقولُونَ للنّعالِ ، فأنَى يُوفَكُونَ .
وإنْ سَألتُكُم عمَّ تَعْشَقُونَ ، ألَهُم أنوارٌ يَدَّثِرُونَ بها ، أمْ لهم أسرارٌ يَـتَزَمّلُونَ بها ، أمْ لَهم كُنُوزٌ يَتَدَبّجُونَ بها ، أم لَهم أقدامٌ يَتَتَوَّجُون بها ، كلّا وتِرِلْيُونَ لا .
فالتَأْتُوا بِبَدِيلٍ أوْ مَثِيلٍ لَها ، وسَتَسْجُدُ قُلُوبُنا لهُ ، ولَكِنَّها الشَّمسُ والآفاقُ بُدُورُ ، فمَهْمَا إتّسعَتِ العُيونُ فالحواجِبُ فَوقَها ، وكلُّ الصَّيدِ في جَوْفِ الفِرا .
هُــــداهـا  وإلاّ فالمجـــــالِي مَضَـــــلَّـةٌ       ولو أنّها غَيْـــــبٌ ولَـــــكنَّها تَهــــدِي
عَـــــماها  وإلّا لا سَرِيـــــرَةَ تَخْــــتَـلي       ولوْ دَقَّــــتِ الأرْقامُ عَنْ حِيطَةِ الحَدِّ
سَــــنـاها  وإلّا لا لَطِيْـــــفَـةَ تَنْــجَلِي       ولوْ شَــعَّتِ الأنْوارُ غَـيرُها لا تُبْدِي

فطُوبى طُوبى ، لِمن تَخَمّرَ بِجمالِها ويابُشراهُ ،  وَوَيلٌ لِمن تَجَرَّعَ مِن فِصالِها وياعَزاهُ ، إنّها الحسنُ فأينَ الغَرامُ ، إنّها الجمالُ فأينَ الهُيّامُ ، إنّها اللّطافَةُ فأينَ الصّبابَةُ ، إنّها الملاحَةُ فأين الخلابَةُ ، إنّها الفِردَوْسُ فأينَ الأشْواقُ ، إنّها الحُورُ فأينَ العُشّاقُ ، إنّها ليلى فأين الجُنُونُ ، إنّها القَمِيصُ فأينَ الشُّجُونُ ، إنّها هُوَ فأين أنا ، إنّها أنا فأينَ نَحنُ .
                                                       }  نقش العجز  {
سالَ سائِلٌ بِقُطبِ العجائِبِ وفَلَكِ الغَرائِبِ ، فقلتُ : اسْأَلْ بِهِ خَبيرًا .
سلْ بهِ الحُجُبَ والسُّبُحاتِ السُّبُوحِيَّةَ ، وسَلِ الرّقّا والسُّقُوفَ العُلى ، وسلْ بِهِ السِّدرَةَ وعُروشَ الإستِواءِ ، وسلْ قافًا والمَعْمُورَ والمُحِيطَ ، لعلّهم يَعْلَمُونَ .
فِتِلكَ الشّمسُ لولا الغُروبُ ، وهِي البَدْرُ لولا الخُسُوفُ ، وهي البَحْرُ لولا النّفادُ ، وهي الفِرْدَوسُ بل هي منبعُهُ ، وهي الكَثِيبُ بل هي عينُهُ ، حقًا هيَ الوَسِيلَةُ العُظمى .
فسبحانَ سِرِّها الأقدَسِ الألْبَسِ ، الّذي تَضِلُّ خُبراءُ الغُيُوبِ في مهامِهِ بَوادِيهِ ، والّذي تَعْجِزُ بصائِرُ الشُّهُودِ ، عَن كفاحِ إشْراقاتِ مَجالِيهِ ، والّذي تَحارُ مَداركُ الإطلاقِ عنْ الحيطَةِ والهَيمنَةِ بِمعالِيهِ ، والّذي تَقْصُر بَوارِقُ مَعارِجِ المدارِجِ ، عن بُلُوغِ غايَتِهِ ، والإسْتِواءِ على مَناهِيهِ ..
أَوَلا يَكـــفي  في الــــنِّعالِ  ويَشفي     أنّهــــا  لــــلأقــــــدامِ تلك  ابْتِداءُ
ومـــــا  يُدْرينا مـــــا هيَ الأقــدامُ     ليس يُجـدي هــنا النُّهى والدَّهاءُ
فـــاسْألوا  المُــــنتهى عــنِ النَّعلُوتِ     لَـــــيقــولَـــــنَّ  إنّهــــا  الإنْتِهـــــاءُ 
                                                         }  نقش التتويج  {
عـيَّـرُوني بِعِشْقِها ، وقالوا ما هيَ إلّا نعالُ ؛ فقلْتُ وما ضابِطُ الوِجدانُ عِندَكُـم ؟
فقالُوا الجمالُ ؛ فقلتُ : هِي هالَةُ بَدْرِهِ .
فقالوا والكمالُ  ؛ فقلتُ : هيَ عَرْشُ اسْتِواءِهِ .
فقالوا والحياةُ ؛ قلتُ : ومايَنْفَعِ البهائمَ شُعُورُها .
ثمّ قالوا والحِجا ؛ فقلتُ : وما يَنْفَعِ الكُفّارَ عُقُولُها ، أوَلَيسَ شِسْعُ نَعْلِ المؤمِنِ أفضلُ مِن كلِّ مَن في النّارِ ؛ فما البالُ بِشِسْعِ نعلِ الحبيب صلى الله عليه وسلّم ، أليسَتْ بأفضلَ مِن أهالي الكَثِيبِ ، بلى بلى بلى .. فلا جَرَمَ أنّها الوَسِيلَةُ وَكفى .
لَئِن ذُقتَ ما ذُقناهُ مـاكنتَ ناكِرًا       لَصِرْتَ على الأعتابِ مِثلِي مُجاهِرًا
وظَلْتَ بِصَهْباءِ النِّعالِ مُخامِـــــرًا       فتَغْـــدُوا وتُـــمْسِي ثامِــــلًا ومُــسامِرًا
                    وتَجْـــنَى جُـنونًا لا يُـــــقارَنُ بالبَلْهِ
مُحيّاها جَـذّابٌ إذا أسْــــفَرَتْ بِهِ       تَحِــــنُ إليهِ الـــرُّوحُ شَـــغْفاً لِــــشُربِهِ
فلو زال عن قَلبِي كَثِيـفُ حِجابِهِ       لَــــهِمـــتُ بِـــلا لُــبٍّ أَتِـــــيهِ بِحُـــبِّـهِ
                    أَعِيشُ وَحِيدًا في الفَيافِي الـمَهامِهِ

                                                              }  نقش الغاية {
فكفانَا بها شَرفًا ياأمَّتي ولا فَخْرَ ، فتِيهُوا بها واشطَحُوا ولا فَخْرَ ، و قولُوا إنّنا عَبِيدُ النّعالِ ولا فخرَ ، وإنَّما العِزّةُ بالمولى ، والفَرَحُ بفَضْلِ اللهِ وبرحمَتِهِ .
فاللّهمّ لَك الحمدُ على نُزُولِها ، اللّهمّ وافْتَحْ لنا باسْتِواءِها ، اللّهمّ واقْبِضْنا على غرامِها ، واحْشُرنا اللّهمّ على أقدامِها ، اللّهمّ وإنّنا لا نَرضى بها بدِيلًا ، في الدّنيا ولا في الآخِرةِ ، ولا في الفِردَوسِ ولا في الكُثبانِ .    
كلُّ قــيسٍ له بِلَيـــــلاهُ عِـــــيدُ        ولنا بالنّعالِ عـــــيدٌ سَــــعِيـدُ
ما نَرى العيدَ إلّا أُنسُ الوّصالِ        لَثْمَـــــةٌ للنّعالِ عُـــرسٌ وعِيدُ
فيا بُؤسًا لِلعِيدِ إنْ طالَ حَوْلًا         عِيـــــدُنا بالنّعالِ دَوْمًا جَدِيدُ