ألا إنّ النّعال هي :
لباس تلكم القدم العليّة الأوليّة ،
الشريفة المنيفة المعظمة المطلسمة ، ذات العروج والولوج ، والمراقي والإرتتاق ،
فمن يا ترى يجاريها أو يحاذيها ، في مضمار السباق .
فلاريب أنّها خزانة الكنوز وجدار الرّموز ،
يكمن في صدوفها وأكمامها ، كل سرّ تنزلي فرقاني هيكلي ، ثم يفصل على حسب المناظر
والمنازل ، والقوابل الإمكانية ، تبطنها ماهية رقمية ، كالاسم على المسمى ،
والطلسم على المعمى ؛ فلاجرم أنّها المنتهى .
فهي الحجب ذات الإياة والسبحات ، الداهيات
الناهيات ،الثائرات الغائرات ، المحيطة كالأسوار والجدران ، حول حمى الحرم النزلي
، فهيهات هيهات .
فتلك القبلة النحنيّة الصمدانيّة ، الجامعة
لسر المجالات والتوجهات ، وكل الصّيد في جوف الفرا ، وإلّا فمن يهدينا إلى فلك عرش
الجسمانيّة ، غير يوحها الشّارقة الخارقة ، فدونك أيها المحقق فول وجهك شطرها ،
فإنّ الحقائق حفت بالضّلالات .
وهي المشكاة الزجاجية الأنموذجية ، التي تجمعنا
بالأقدام اللاهوتية ، فما الكعبة الإبراهيمية ، وما الشجرة الموسوية معها .
فإنّها سدرة منتهى العالمين ، السالكين منهم
والعارجين ، فإليها تنتهي الرفارف العزمية ، فضلا عن من دونها من البوارق الهمية ،
وأما دون هذا فأولى .
وهي مجلى الظهور بالنور ، المعربة عن الأثر
الأعجمي ، إذا ما ارتسمت خطوطه على صفحات الآفاق ، تعكسه كالمرآة المقابلة للوجه ،
والصورة المنقوشة من الكنه .
وهي منهل ورود المريدين والمرادين ، في كل
إمداد ينزل من سماء الجود على أرض الوجود ؛ ودولاب الإفاضات ، على حسب القوابل
والاستعدادات ؛ فرياض الملكوت بزهر
جمالها مونقة ، وحياض الجبروت بفيض أنوارها متدفقة ، ولا شيء علا أو نزل ، إلا وهو
بمركزها منوط ، إذ لولا الواسطة لذهب كما
قيل الموسوط .
فهذه وسيلة الوصول ، ورابطة الفصول بالأصول ، والباب المحيط اللازم للدخول
، فلا ترى يستنكف عنها، ملك مقرب ولا نبي مرسل ، بل تراهم عكفا على الأعتاب ، إذ
ما الحضرة إلّا من كثيب غبارها ، تحت ظلال أنوارها .
فهيهات هيهات ..، فعبثا نحاول إحصاء الكمالات النعليّة ، وهي ذات
الأسرار والبطون اللامتناهية .
ولخطر وحرمة إفشاء
الأسرار ، يجب علينا ، أن نمسك عنان الأقلام ، فعلوم الإلهام تستنكر من الأفهام
ذوات الأوهام .
]تبصرة [
إعلم أنّ كل ما نرقمه
من حقائق في كمالات سيّدتنا عليها السّلام ، إنّما هو كالإشارة إلى حضرة بداية
مولاها صلى الله عليه وسلم أو قل إلى حضرة
البرزخ الفاصل مابيننا وبين عليائه صلى الله عليه وسلم .
لأنّه كان ولا بدّ أن
يكون ، هذا المجال المحدد للمعالم ، ليميز الحقيقة من الخيال ، فلك أن تسمي هذا
الحد بماشئت ، المهم أنّه يدل على بديهته ، وليس مبتدى حقيقته صلى الله عليه وسلم فحسب ، بل حتّى حضرة جسمانيته ، كما أشار إليها
السيّد الكتاني قدس الله سرّه .
إذا فكل ما ننسبه إليها من كمالات ، ما هو إلّا
تمثيل لحضرة البدهوت ، فليس العماء والإطلاق والهوية فيها ، كما هو في نسبته إلى
المحتد الأكبر صلى الله عليه وسلم ، ولكنّه على
منوالنا نحن معاشر الممكنات ، ذلك لمّا كانت آية منزّلة لتحدّينا ، وبرزخا منصوبا
ليهدينا .